لعب العرب دوراً أساسياً في تقدم العلوم الحديثة، برغم تعدد أنواعها. ذلك أنهم ترجموا واقتبسوا أهم ما عثروا عليه من تراث الفراعنة واليونان والهنود، مما مكن الأجيال التالية من أن تقف على تطورات العلوم في العصور المتعاقبة -برغم ضياع بعض المؤلفات القديمة— وتعرف محتويات تلك المؤلفات.
ولما تمت للعرب دراسة تراث الأمم التي سبقتهم واستوعبوه جيداً بدأوا في بناء نهضة عربية مجيدة، فأضافوا إلى الآراء والمعلومات القديمة ما رأوه من تحسينات أو نظريات خاصة، وابتكروا أجهزة جديدة ساعدتهم على القيام ببحوث أدت إلى نتائج أكثر دقة ممن سبقوهم، وهكذا قدموا للأجيال التالية قواعد وأسساً سليمة شيدوا عليها النهضات العلمية التي كان لها الفضل فيما نراه اليوم من رقي وحضارة.
وقد شهدت الفترة التي بين النصف الثاني من القرن الثامن وأول القرن الثاني عشر للميلاد عصراً كان العرب فيه سادة العالم في مختلف العلوم والفنون، لدرجة أن ثقافتهم وعلومهم طغت على سائر الثقافات المعاصرة لتلك الفترة. وكان من نتيجة ذلك أن أصبحت اللغة العربية يومئذ اللغة الدولية للعلوم.
